فوائده على الجسم قد تفوق الوصف
بخلاف الدراسات التي تُحاول القول بأن تناول النبيذ الكحولي مفي
د لصحة القلب، والتي لا تتبنى نتائجها والنصح بها الهيئات الطبية
العالمية المعنية بصحة القلب وأمراضه، يقول الباحثون من جامعة
لويس باستور بستراسبورغ في فرنسا، بأن عصير العنب الخالي
من الكحول و المصنوع من الأنواع الحمراء له قادر علي إعطاء
الصحة و العافية لشرايين القلب.
وتأتي نتائج الدراسة الصادرة ضمن عدد 31 يناير من مجلة
أبحاث أمراض القلب و الأوعية الدموية الأوروبية، كي تُضاف
إلي نتائج دراسات أخرى أكدت بمجملها أن ما يُنسب للنبيذ من
فائدة علي شرايين القلب مرده المواد الطبيعية الموجودة في العنب
نفسه لا للكحول. وهو ما يتحقق بشرب عصير العنب النقي أو
تناوله دون الحاجة إلي اللجوء إلي المشروبات الكحولية.
والمعلوم أن هذا الأمر يُستغل للدعاية لتناول المشروبات الكحولية
عموماً، بالرغم من التحذيرات العديدة لرابطة القلب الأميركية من
مضار تناول المشروبات الكحولية لمرضى القلب، حتى النبيذ
منها، وإبدائها رأيها بصراحة أنها لا تنصح مطلقاً من لا يتناول
النبيذ، ناهيك من غيره، أن يبدأ تناوله بزعم أنه يُفيد القلب.
* قوة العنب من لونه وقال الباحثون في دراستهم الجديدة إن
عصير العنب من نوع كوكنورد Concord purple
grapes، وهو أحد أنواع العنب البنفسجي اللون المتوفر في
مناطق شتى من الولايات المتحدة ويُمثل 10في المائة من إنتاجها
للعنب، يرفع من قدرات خلايا بطانة الشرايين على إفراز مادة
اوكسيد النتريك nitric oxide. و هي أهم المواد الطبيعية التي
تعمل علي توسعة الشرايين واسترخائها ، والتي أيضاً يقل
إفرازها وتتدنى فاعليتها عند الإصابة بأمراض تصلب الشرايين.
و لذا يلحظ الكثيرون وصف أطباء القلب لمرضى الشرايين
التاجية تناول حبة وردية توضع تحت اللسان عند الشعور بألم
الذبحة الصدرية، أو تناول هيئات أخرى غير سهلة الامتصاص
منها مرتين يومياً بغية العمل على توسعة الشرايين من خلال
استرخاء عضلاتها و تخفيف حدة انقباضاتها.
وقال الدكتور فاليري شيني كيرث إن تأثير عصير العنب من هذا
النوع، الذي أُخذ كمثال في الدراسة، مشابه لتأثير نبيذ العنب
الأحمر في توسعة الشرايين واسترخائها، ما يعني على حد قوله
أن التأثير الإيجابي هو نتيجة لتناول مكونات العنب لا الكحول
نفسه. ونسبوا الفائدة في العنب إلى المركبات المضادة للأكسدة.
كما ذكر الباحثون أن عصير العنب هذا يخفف من حدة ارتفاع ضغط الدم.
وكان ملحق الصحة في «الشرق الأوسط» قد عرض سابقاً في 2
أبريل (نيسان) 2006 دراسة الباحثين من الولايات المتحدة
وكندا واستراليا حول نتائج مراجعتهم أكثر من 54 دراسة علمية
في جدوى تناول الكحول وتأثيرها على أمراض الشرايين القلبية،
وقالوا إن فحص كيفية إجرائها وتحليل نتائجها لا يدل البتة على
أن تناول الكحول مفيد في هذا المجال. وتعرضوا للدراسات التي
تناولت موضوع النبيذ بالذات، وأكدوا أن الفوائد المنسوبة له في
هذا الشأن هي نتيجة للمكونات الموجود في عصير العنب العادي
ليس إلا، و تتحقق بتناوله من دون الحاجة إلى تناول النبيذ.
وضمن توسع رابطة القلب الأميركية في الحديث عن الكحول
وأمراض الشرايين القلبية أكدت ما أنها (الرابطة) وبالنظر إلى كل
مضار الكحول فإنها لا تنصح مطلقاً من لا يتناول الكحول بأن
يبدأ تناوله لحماية الشرايين القلبية، وتنصح من يتناوله لهذه الغاية
أن يستشير طبيبه ويفهم حقيقة الأمر منه. و أكدت أن المواد
المضادة للأكسدة الموجودة في النبيذ هي موجودة أيضاً في عصير العنب العادي.
* القلب ينتعش بالعنب وكانت دراسات سابقة قد طرحت فوائد
العنب علي القلب، والتي تحصل نتيجة لغناه بمواد كيميائية طبيعية
تحافظ على صحة الشرايين، وهو ما يُفسر نُصح أطباء القلب بتناوله.
ويحتوي العنب على مركبات فلافونويد، وهي مواد كيميائية مضادة
للأكسدة تُعطي العنب لونه البنفسجي وموجودة بكثرة في قشرة
حبة العنب. وكلما زاد غُمق اللون زاد تركيزها. هذه المركبات
وغيرها تعمل علي عدة جهات لخفض احتمالات الإصابة بأمراض
الشرايين بالأصل أو تخفيف حدة تداعياتها حين وجودها لدى المرضى.
وتتمثل الآليات في زيادة إنتاج أوكسيد النتريك كما تقدم، والرفع
بنسبة تصل إلى 50في من فاعلية فيتامين إي E في منع حصول
أكسدة الكولسترول الخفيف، وكذلك تخفيف احتمالات ترسب
الصفائح الدموية platelet aggregation على بعضها
البعض وتجلط مكونات الدم داخل الشرايين، وتقليل حدة التسارع
الحصول لعمليات أكسدة الكولسترول الخفيف وترسيخ ترسيبه
داخل جدران الأوعية الدموية الشريانية LDL cholesterol
oxidation، و تعطيل تكوين أحد البروتينات التي تعمل على
انقباض الشرايين التاجية endothelin-1. هذه هي التأثيرات
المشهورة المفيدة للعنب علي صحة القلب. لكن الباحثين بدأوا
يتعمقون أكثر في الدراسة لمكونات العنب. ومما هو ملاحظ في
الثلاث سنوات الماضية الحديث عن عمل مركب ريسفيرترول
Resveratrol على المستوى الجيني للوقاية من تكوين مركبات
كيميائية ضارة على الشرايين وأيضاً في التأثير الصحي المباشر
على خلايا عضلات القلب نفسها. وهو أحد مركبات فلافونويد في
العنب، التي تعمل علي نفس طريقة أدوية مثبطات تحول أنزيم
أنجيوتنسين 2 angiotensin II، و التي تستخدم شريحة
واسعة جداً من مرضى القلب و ارتفاع ضغط الدم هذه الأدوية. ولا
تعمل على خفض ضغط الدم فحسب بل على مستوى الحفاظ علي
بنية صحيحة لعضلة القلب خالية من الترسبات التي تعيق قوة
انقباضها وسهولة ارتخائها، ما يعني رفع قدرات الضخ لعضلة
القلب و تخفيف حدة التضخم لها. كما أن الحديث العلمي اليوم هو
عن دور مركب ريسفيرترول، و دوره في تحسين تدفق الدم، و
تناغم حصوله، إلي الدماغ. و كانت مجلة كيمياء الغذاء و الزراعة
الأميركية قد نشرت في أبريل من العام الماضي نتائج تُؤكد دور
تناول هذه المادة الموجودة في العنب و في الفول السوداني علي
خفض نسبة الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة تتجاوز 30%.
وكانت مجلة التغذية الأميركية قد نشرت في أغسطس من عام
2005 نتائج دراسة مدى استفادة النساء من تناول عصير العنب
و ليس النبيذ تحديداً كما قال الباحثون. و قالوا بأن تناول مطحون
الزبيب المجفف بكمية 36 غراما يومياً الممزوج بالماء، لمدة
أربع أسابيع، هو أمر له فوائد جمة، علي حد وصفهم، للقلب لدى
النساء الذين أعمارهم تقارب أو تتجاوز سن اليأس.و شملت
العناصر الإيجابية خفض نسبة الكولسترول الخفيف الضار،
وخفض نسبة الدهون الثلاثية في الدم، و خفض نسبة مركبين
كيميائيين يعملان علي تسهيل تضرر الشرايين بالكولسترول.
و ذكروا مجموعة من المواد الكيميائية التي تتسبب بهذه التأثيرات
الإيجابية و الموجودة في العنب. لكنهم أكدوا علي أن أهم
التأثيرات في مجال الكولسترول هي التي تنتج عن مركب ريسفيرترول.
* النبيذ أم عصير العنب بكلام علمي مجرد، لا يُوجد من الهيئات
العلمية المعنية بصحة القلب أو الأطباء الباحثين في هذا المضمار
منْ ينصح بتناول نبيذ العنب ابتغاء صحة للقلب. بل هم ينصحون
بعصير العنب الطبيعي ويُؤكدون أن المواد التي فيه هي أفضل
بمراحل من النبيذ. وأن تناول العصير الطبيعي للعنب، فوق أن
يُقدم ما يحتاجه القلب لصحته، فإنه يخلو من الكحول الضار جملة
و تفصيلاً. وعددوا الآثار الضارة للكحول من ارتفاع نسبة
الحوادث ومشاكل الكبد وارتفاع ضغط الدم و اضطرابات نبض
القلب وحالات الصداع المصاحبة لشرب النبيذ، إضافة إلى تأكيدهم
احتواء قوارير النبيذ علي مركبات مُضافة ضارة لا تذكر عادة
على ملصقاتها التعريفية، مثل أكسيد الكبريت. هذا بالإضافة إلي تأثيراته على الحوامل وأجنتهن.
و كانت مجلة المنتجات الطبيعية الأميركية قد أشارت في عدد
نوفمبر 2004 الى أن المركبات المضادة للأكسدة هي أعلى في
العصير الطبيعي مقارنة بالنبيذ.
وما يُقال عن غنى النبيذ بمركب ريسفيرترول مقارنة بالعصير
الطبيعي للعنب، فإن مصادر علم التغذية تُؤكد أن قدرة الأمعاء
على امتصاصها ضئيلة. وهو ما تم لهم دراسته والتأكد منه عبر
فحصهم لنشاط أحد الأنزيمات المتسببة بعملية الالتهاب، وهو
أنزيم كوكس ـ 1 COX-1. إذْ تبين أن ما تمتصه الأمعاء من
مركب ريسفيرترول عند شرب النبيذ لا يكفي لتعطيل عمل هذا
الأنزيم ، بينما ما تمتصه الأمعاء من المواد المضادة للأكسدة عند
شرب عصير العنب كفيلة بتحقق المُراد. لكن مع التنبه إلى أن
على المقارنة أن تأخذ بعين الاعتبار كمية الماء في عصير العنب،
ولذا فكأس من النبيذ يُعادل 3 أكواب من عصير العنب الطبيعي.
هذا بالإضافة إلي دراسة نشرتها المجلة الأميركية للتغذية
الإكلينيكية في عدد يناير 2004، و التي أكدت أن شرب النبيذ
المنزوع و الخالي من الكحول أبلغ أثراً وأكثر فائدة من النبيذ
المحتوي على الكحول، وذلك في المحافظة علي صحة القلب و
منع نشوء تصلب الشرايين.